عندما يريد أن يعمل عملاً من الأعمال الصالحة
التي يتقرب بها إلى الله، أن يخلص نيته لذلك من البداية؛ حتى يكون عمله مؤسسًا على
أساس صحيح، ويخلص النية لله عز وجل، ومن ذلك الطهارة، فلو أن الإنسان مثلاً أحضر
الماء، واستعمله على صورة الوضوء، أو على صورة الاغتسال، أو أحضر الماء واستعمله
على صورة الطهارة، لكنه لم ينو الطهارة، فإن هذا لا يكفيه، ولا يرفع عنه الحدث، لو
اغتسل يريد التبرد والتنظف، ثم قال لما فرغ، أو في أثناء عمله: أريد رفع الحدث وما
ينفعه هذا؛ لأنه أصلاً ما نوى رفع الحدث، إنما نوى التبرد، أو نوى التنظف، كذلك لو
استعمل الماء على أعضاء وضوئه، يريد النظافة مثلاً، أو يريد إزالة الأوساخ، ولم
ينو الوضوء،، فإن هذا لا يجزيه عن الوضوء؛ لفقدان النية، أما إزالة النجاسة، فلا
تحتاج إلى نية، وما كان من باب التروك، فإنه لا يشترط له النية، ولو كان على ثوبه
نجاسة وعلى بدنه نجاسة، وغسلها، فإنه تزول النجاسة، ولو لم ينو إزالتها؛ لأن
المقصود ترك النجاسة والابتعاد عنها، فلو غسلها يريد النظافة، أو يريد التبرد، أو
يريد غير ذلك، فإن هذا يكفي؛ لأن المقصود إزالة النجاسة، وقد زالت.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» هذا تأكيد؛ لأن من نوى شيئًا، حصل له، ومن لم ينو شيئًا، لم يحصل له، فالحصول - حصول المطلوب - مبني على النية، فليس لك من عملك إلاَّ ما نويته، وما لم تنوه، فإنه لا ينفع.