×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

«إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»؛ أي: إنما صحة الأعمال - لابد من تقدير، تقدير إنما صحة الأعمال، أو اعتبار الأعمال بالنيات والمقاصد، لا بصورتها الظاهرة، فقد يأتي الإنسان بعمل كبير، ولا يكون له عند الله وزن، لأن نية صاحبه فاسدة؛ إما أنه فعله من باب الرياء، أو من باب السمعة، أو لأجل طمع في الدنيا، فلا يعتبر هذا العمل عند الله شيئًا؛ لأن نية صاحبه غير صحيحة، وربما يأتي الإنسان بعمل قليل مخلص لله عز وجل فيه يكون فيه بركة وخير كثير، ليست العبرة بصور الأعمال ومظاهرها، إنما العبرة بنيات أصحابها ومقاصد أصحابها، فإن كانت نياتهم سليمة، كانت أعمالهم مستقيمة ومقبولة عند الله، وإن كانت نيات أصحابها مختلفة أو فاسدة، فهي أعمال حابطة وباطلة: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا وَهُمۡ فِيهَا لَا يُبۡخَسُونَ ١٥ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [هود: 15- 16]، لماذا؟ لأنهم لا يريدون بأعمالهم التي ظاهرها العبادة يريدون بها الدنيا، طمع الدنيا، فهذه نتيجة أعمالهم ونياتهم الفاسدة، ﴿لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ؛ لفساد نياتهم؛ ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وهذه كلمة حصر، «إِنَّمَا الأَعْمَالُ»، والحصر معناه: إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه، فمعنى هذا أن الأعمال لا تصح، ولا تقبل، إلاَّ مع صحة النية، وأما مع فساد النية، فإن الأعمال لا تتغير، ولا تقبل عند الله سبحانه وتعالى مهما بلغت وكثرت، فيجب على المسلم أن يُخلص نيته


الشرح