النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا: «مَنْ
كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا،
فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»، وليست إلى الله ورسوله، ولهذا صار
يسمى مهاجر أم قيس، صار هذا الرجل يسمى بمهاجر أم قيس؛ لأن هذا قصده من الهجرة.
هذا أصل الحديث وسببه، وهو مثال يوضح أول الحديث: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ
بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، مثال ذلك الهجرة،
الهجرة عمل من الأعمال، فإن كانت نية صاحبها وجه الله، والهجرة إلى رسول الله لأجل
الفرار بالدين، فإن هجرته معتبرة شرعًا، وله الأجر، وإن كانت هجرته لغير ذلك؛ طمع
دنيوي، أو لامرأة يتزوجها، فليس له من الثواب والأجر شيء، وإنما هجرته للدنيا أو
للزواج فقط، فهذا مما يوجب، وهذا ليس خاصًّا بالهجرة، هذا عام في جميع الأعمال،
على المسلم أن يخلص نيته لله عز وجل، كذلك الطهارة التي فيها محل بحثنا الآن، إذا
استعمل الإنسان الماء على صورة الطهارة، لكنه لم ينو الطهارة، ليس له إلاَّ ما
نوى، إن كان يريد التبرد، له التبرد، وإن كان يريد النظافة، له النظافة، وليس له
رفع الحدث في هذا، أما إذا نوى رفع الحدث، فإنه يرتفع حدثه؛ له ما نوى.