×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

أعقابهم تلوح - يعني: لم يصبها الماء -، فعند ذلك قال لهم: «وَيْلٌ لِلأَْعْقَابِ مِنَ النَّارِ» والأعقاب جمع عقب، وهو مؤخرة الرِّجْل؛ لأن هذا الموضع لا يفطن له الإنسان، قد يتساهل فيه، ويظن أن الماء وصل إليه، وهو لم يصل، يحتاج إلى انتباه للعقب؛ لأنه مؤخرة الرِّجْل، وربما لا ينتبه إليه الإنسان عند الوضوء، ويظن أن الماء وصل، وهو لم يصل، فهذا فيه الحث على تعاهد الأعضاء عند الوضوء، وإيصال الماء إليها، بحيث لا يبقى منها شيء.

و«وَيْلٌ» كلمة تهديد وعذاب، وقيل: واد في جهنم، «وَيْلٌ» هذه كلمة عذاب، تهديد لمن لم ينتبه لعقبيه عند الوضوء؛ فيسبغ الماء عليهما، وفي الحديث دليل على وجوب غسل الرِّجْل كلها؛ ردًّا على الروافض الذين يقولون: يكفي المسح على ظاهر القدم. فالحديث فيه رد عليهم واضح؛ قال صلى الله عليه وسلم: «وَيْلٌ لِلأَْعْقَابِ مِنَ النَّارِ»، وأنه لا يكفي المسح، بل لابد من الغسل، إنما المسح إذا كان عليهما خفاف، أما إذا كانا مكشوفين، فلابد من الغسل؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَرۡجُلَكُمۡ إِلَى ٱلۡكَعۡبَيۡنِۚ [المائدة: 6]، والكعبان هما: العظمان الناتئان في أسفل الساق، و﴿إِلَى، بمعنى «مع»؛ أي: من الكعبين، فلابد من غسل الكعبين وما تحتهما، والعقب والقدم، وجميع الرجل، بحيث لا يبقى منها شيء لا يصل إليه الماء، ولا يكفي المسح، بل لابد من جريان الماء على العضو، وإن حصل معه ذلك، فهذا أكمل، وإن لم يحصل ذلك، فإنه يكفي جريان الماء على العضو.


الشرح