من قام من النوم، وأراد أن يتوضأ، فإنه يغسل كفيه ثلاثًا، والقول الثاني: أن هذا خاص بنوم الليل، وهذا قول الإمام أحمد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»، والبيات إنما يكون في الليل، أما نوم النهار، فلا يسمى بياتًا، وغسل الكفين قبل الوضوء مشروع على كل حال، سواء قام من النوم، أو لم يقم، فإن كان لم يقم من النوم، فهو مستحب؛ كما يأتي في حديث عثمان رضي الله عنه، مستحب، أما إن كان قام من نوم، سواء كان نوم ليل أو نوم نهار، فالعلماء على قولين، القول الأول: أنه واجب، وهو قول الإمام أحمد وجماعة من أهل العلم؛ لظاهر الأمر، والأمر يفيد الوجوب، لأنه علل ذلك بقوله: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»، فيدل على الوجوب، وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه للاستحباب مطلقًا للقائم من نوم الليل أو من نوم النهار، أو من أراد أن يتوضأ، ولو لم يسبقه نوم، فيستحب غسل الكفين قبل الوضوء، والراجح هو القول الأول: أن القائم من نوم الليل يجب عليه غسل كفيه ثلاثًا قبل أن يدخلهما في الإناء؛ لظاهر الأمر، وللتعليل الذي في الحديث، ويؤخذ من الحديث أيضًا أن الماء القليل إذا وقعت فيه نجاسة، فإنه ينجس، والمراد بالقليل: ما دون القلتين - كما يأتي -؛ لأن الذي في الإناء قليل، فدل على أنه لو قام من نوم الليل، وأدخل يده فيه، أنه لا يصح للاستعمال؛ لأن يده مظنة النجاسة، وأدخلها فيه، فدل على أن الماء القليل إذا وقعت فيه النجاسة، أنه ينجس - كما هو قول كثير من أهل العلم -،