×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

أما المسألة الأولى: وهي: «لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ»، هذا فيه النهي عن البول في الماء الدائم؛ يعني: الذي لا يجري؛ لأنه يقذره، وينجسه، وجاء الحديث الثاني في النهي عن أن يبول في الموارد؛ يعني: عند الماء الذي يورد، تشرب منه الدواب، ويشرب منه الناس، فلا يقض حاجته عنده؛ لأن ذلك يؤثر، ويؤذي الناس والدواب، وجعل من فعل ذلك ملعونًا، البراز في الموارد هذا من الملاعن الثلاث، فلا يبول فيه، ولا يبول عنده أيضًا، بل يبتعد عنه، والحديث عام في القليل والكثير، وما دام أنه دائم - يعني: راكد - فلا يجوز البول فيه، هذا ما ذهب إليه الإمام أحمد، ذهب إلى أن البول ينجس الماء، لو كان كثيرًا، إلاَّ إذا كان يشق نزحه، فإنه لا يؤثر فيه؛ كمصانع طريق مكة، وهي البركات التي عملت بالحجارة والجص، فصارت تختزن الماء للحاج في طريقهم، وهي براك كبيرة، وهذه يشق نزحها، فإذا كان يشق نزحه، فإنه لا يتنجس ببول الإنسان.

ومثله - من باب أولى - العذرة، لا يتغوط فيه، لا يتغوط في الماء الدائم، وهو الماء الراكد، فإن فعل، فإنه ينجس؛ لظاهر الحديث، سواء كان قليلاً أو كثيرًا، هذا قول الإمام أحمد، والجمهور يقولون: إن كان قليلاً، فنعم، أما إن كان كثيرًا، فإنه لا يؤثر فيه البول، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ»([1])؛ يعني: لم تؤثر فيه النجاسة، ولكن ظاهر الحديث العموم، وهذا يشهد لقول الإمام


الشرح

([1]) أخرجه: أبو داود رقم (63)، والترمذي رقم (67)، وأحمد رقم (4605).