×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

على مشروعية غسل الكفين قبل الوضوء، وهو لغير القائم من نوم الليل سنة، غسل الكفين لغير القائم من نوم الليل سنة، أما للقائم من نوم الليل، فهو واجب - كما سبق -.

«ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الوَضُوءِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ»، المضمضة: إدخال الماء إلى الفم، وإدارته في الفم، ثم مجه؛ يعني: إخراجه، لا يبتلعه، بل يمجه، بمعنى أنه يخرجه من فمه بعدما يديره في جميع الفم؛ ليطهر داخل الفم؛ لأن داخل الفم في حكم الظاهر، وهو من الوجه؛ لأنه داخل في قوله تعالى: ﴿فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ [المائدة: 6]، هذا المضمضة، خضخضة الماء في الفم، ثم إخراجه بالمج.

«وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ»، هذا سبق لنا ذكره، والاستنشاق معناه: جذب الماء إلى داخل الفم بنفس، ثم يستنثر، بمعنى: أنه يخرج الماء من أنفه بنفس أيضًا، هذا الاستنثار، مأخوذ من النثرة، وهي طرف الأنف، فهذا فيه دليل على أن المضمضة والاستنشاق داخلان في الوضوء، وأنه لو توضأ، ولم يتمضمض، ولم يستنشق، لم يصح وضوؤه؛ لأنه لم يتوضأ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي رواه عنه الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه، ورواه غيره - كما يأتي - وقال: «لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةً إلاَّ بِهِ»([1])، فدل على أنه لو لم يتمضمض، ولم يستنشق، لم تقبل صلاته، وهذا دليل على وجوب المضمضمة والاستنشاق؛ ردًا على من يقول: إنهما مستحبان؛ لأنهما لم يذكرا في الآية.


الشرح

([1])  أخرجه: ابن الأعرابي في معجمه رقم (143).