بدأ المصنف رحمه
الله كتابه بهذا الحديث؛ لأجل التذكير بالنية، وأنها الأساس في كل عمل يعمله
الإنسان، فلا بد أن يكون مؤسسًا على نية صحيحة، ومن ذلك تأليف الكتب؛ فإن تأليف
الكتب عمل من الأعمال، فالذي يؤلف كتابًا يجب عليه أن يخلص النية لله في تأليفه،
فالذي يؤلف كتابًا من كتب العلم الشرعي يجب عليه أن يتذكر هذا الحديث، وأن يخلص
نيته في تأليفه، بأن يكون قصده وجه الله سبحانه وتعالى بهذا التأليف، لا يكون قصده
طمعًا دنيويًّا، أو طلبًا للشهرة، أو إظهارًا لعلمه، أو ما أشبه ذلك من المقاصد.
هذه هي المناسبة لبداءة
المؤلف بهذا الحديث؛ ولأن الطهارة يشترط لها النية، ولا تصح إلاَّ بنية؛ لأنها عمل
من الأعمال، وهذا الحديث حديث عظيم، يقولون: إن الإسلام يدور على أربعة أحاديث؛
كما قال الناظم:
عمدة الدين عندنا كلمات *** أربع من كلام خير البرية
اتق الشبهات وازهد ودع ما *** ليس
يعنيك واعملن بنية
أربعة أحاديث، الحديث الأول: «الحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُبُّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، ألاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألاَ إِنَّ حِمَى الله فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألاَ وَهِيَ القَلْبُ»([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (52)، ومسلم رقم (1599).