×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

المسألة الثانية: فيه أنه لا بد من إزالة أثر الخارج من السبيلين؛ لأنه نجاسة، فلا بد من إزالته، وإزالته إما بالماء وإما بالأحجار، أي: بمسحه بالأحجار، المعروف عند العرب وعند الكثير أنهم يستعملون الأحجار، ولا يستعملون الماء، لكن هذا الحديث دليل على استعمال الماء، واستعمال الماء لا شك أنه أبلغ في إزالة أثر الخارج؛ لأنه يزيل الأثر نهائيًا، ويطهر المكان، فهو أبلغ من الأحجار، وإذا استعمل الأحجار، كفت بالإجماع، أي: تكفي بإجماع أهل العلم، أي: إذا استجمر بالأحجار المنقية، فهذا يكفي، فالحديث ساقه المصنف ليستدل به على أن الرسول كان يستنجي بالماء تارة، وكان يستعمل الأحجار تارة - كما يأتي، وكما سبق -، فيجوز هذا وهذا، وإن جمع بينهما، فهو أبلغ، إذا جمع بين الاستنجاء بالماء والاستجمار بالأحجار، كان هذا أبلغ، فيستعمل الاستجمار أولاً، ثم يغسل المكان بالماء، حتى لا يبقى أثر نهائيًا، هذا أبلغ إذا جمع بينهما، وقد روي في تفسير قوله تعالى في مسجد قباء: ﴿فِيهِ رِجَالٞ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْۚ [التوبة: 108]، سألهم النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إِنَّ اللَّهَ أَثْنَى عَلَيْكُمْ»، قالوا: إنا كنا نتبع الحجارة بالماء([1])، هذا يدل على فضل الجمع بينهما، وإن اقتصر على واحد منهما، أجزأ والحمد لله، إلاَّ أن استعمال الماء إذا اقتصر وحده أجزأ، فكونه يستعمل الماء أفضل من الاستجمار، فالأحوال ثلاثة:


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (355)، والحاكم رقم (3287).