×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ»، فَأَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا»([1]).

*****

هذا الحديث أيضًا له علاقة بقضاء الحاجة.

«مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ»»، علم النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع أصوات الميتين، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم؛ حيث أطلعه الله على عذاب القبر؛ لأجل أن يبين لأمته، فهذا معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، وإلا نحن نمر على القبور، ولا نعلم هل هم في عذاب أو في نعيم، من عالم البرزخ الذي لا يعلمه إلاَّ الله؟ بل لو كان على ظهر الأرض، ودفن، لو كانت الجنازة على ظهر الأرض، ودفنت، فأنت لا تدري، ربما تكون في عذاب، أو في حر وسموم، وأنت ما تدري، أو تكون في نعيم، وفي روضة من رياض الجنة؟ وأنت لا تدري عنها شيء؛ لأن هذا من علم الغيب، الذي لا يعلمه إلاَّ الله، فما بعد الموت هذا لا يعلمه إلاَّ الله أو من أطلعه الله عز وجل على شيء منه.

فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ»، هذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم.

ثم قال: «وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ»، وفي رواية «وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ»([2]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (218)، ومسلم رقم (292).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (6055).