×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

«وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ»؛ الغيبة والنميمة، هل النميمة ليست كبيرة؟ وعدم الاستنجاء من البول هو كبيرة، لكن يقولون معناه: ليس كبيرًا عليهما درؤه والابتعاد عنه، أو إنه ليس من أكبر الكبائر؛ لأن الكبائر تتفاوت، بعضها أكبر من بعض، الشرك بالله هو أكبر الكبائر، والزنى أكبر الكبائر، وشهادة الزور أكبر الكبائر، والتولي يوم الزحف، وأكل مال اليتيم والسحر، هذا من أكبر الكبائر، فالغيبة والنميمة وعدم الاستنزاه من البول كبيرتان، لكنهما ليستا من أكبر الكبائر، أو إنه ليس بكبير عليهما اجتنابهما.

«وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ»؛ يعني: كبير عليهما اجتنابه، لو أنهم فعلوا ذلك، والله أعلم.

«أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ»([1]) هذا محل الشاهد.

وفي رواية: «لاَ يَسْتَنْزِهُ»([2]) وفي رواية: «لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ»([3]) هذا محل الشاهد من الحديث؛ أنه ما كان يستنجي ولا يستجمر، وإنما يتبول، ويمشي، فدل على أن ترك الاستجمار وترك الاستنجاء، وعدم استبراء المكان من أثر الخارج، أن هذا كبيرة من كبائر الذنوب، ويوجب عذاب القبر وعذاب يوم القيامة.

«أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ»؛ يعني: لا يقطع أثر البول بالاستنجاء أو بالاستجمار، أو يغسل البول إذا أصابه في ثوبه أو في بدنه، وما يغسله، وكان يتساهل فيه.


الشرح

([1])  أخرجه: النسائي رقم (2069).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (292).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (218)، ومسلم رقم (292).