وعدم التساهل في شيء
منه، سواء كان بول الإنسان نفسه، أو بول غيره، جميع الأبوال، إلاَّ ما استثنى؛
مثل: بول الإبل؛ هذا طاهر، وبول ما يؤكل لحمه من البقر والغنم هذا طاهر، وأما ما
لا يؤكل لحمه، فإنه نجس، إذا كان فوق الهر خلقة، أما ما كان من الهر فأقل خلقة،
فهذا طاهر أيضًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن الهرة بأنها من الطوافين
علينا، فهي ليست نجسة، قال: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّهَا مِنَ
الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» ([1])، فلعابها وبولها
طاهر، كذلك كل ما كان في خلقتها أو أقل منها. فالبول نجس، الأصل فيه النجاسة،
إلاَّ ما استثنى بالأدلة. «لاَ يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ»، هذا عام في
جميع الأبوال، لو نظرنا إلى الحديث، لوجدناه عامًا في جميع الأبوال، لكن يستثنى منها
ما دل الدليل على أنه ليس بنجس، «لاَ يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ»، سواء
من بوله، أو بول غيره، ولكن بوله الأخص، إذا تبول، فإنه يجب عليه أن يتنزه، فيقطع
أثر الخارج؛ إما باستنجاء الماء، وإما باستجمار الأحجار.
المسألة الثالثة: فيه تحريم النميمة، وهذا في كتاب الله: ﴿وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ١٠ هَمَّازٖ مَّشَّآءِۢ بِنَمِيمٖ﴾ [القَلَم: 10-11]، وفي أحاديث كثيرة تحريم النميمة؛ لما فيها من الإفساد بين الناس، ولقد قالوا: «النَّمَّامُ يُفْسِدُ فِي سَاعَةٍ مَا لاَ يُفْسِدُ السَّاحِرُ فِي شَهْرٍ» ([2])، فالنمام يفسد، أكثر فسادًا من الساحر - على قبح السحر -، النمام يفسد أكثر، يفسد في ساعة ما يفسده الساحر في شهر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (75)، والنسائي رقم (68)، وابن ماجه رقم (367).