×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

أو استدبارها حال قضاء الحاجة([1])، قالوا: هذا ناسخ لما كان من قبل؛ لأنه آخر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم، فالنهي عن استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة نسخ، وبقي الجواز، هذا قول طائفة من أهل العلم.

القول الثالث: الجمع بين الحديثين، وهو أنه في الصحراء يحرم استقبال القبلة أو استدبارها حال قضاء الحاجة، أما في البنيان، فيجوز بدليل حديث ابن عمر؛ جمعًا بين الحديثين، والنسخ لا يصار إليه، إلاَّ إذا تعذر الجمع، هذا هو القول الثالث، ففيه العمل بالحديثين، واحد يستعمل في القضاء، وواحد يستعمل في البنيان، ومهما أمكن الجمع، فلا يصار إلى النسخ، وهذا قول وجيه؛ لأن فيه الجمع، لكن القول بأنه محرم مطلقًا عملاً بحديث أبي أيوب هذا قول قوي، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، يقول: يحرم استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء وفي البنيان؛ عملاً بحديث أبي أيوب. قالوا: لأنه لا يخلو إذا كان في البر لا يخلو أن يكون بينه وبين الكعبة جبال، وبينه وبين الكعبة مرتفعات، لا يخلو هذا، فدل على العموم على أنه لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها مطلقًا، لا في صحراء ولا في بنيان.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (13)، والترمذي رقم (9)، وابن ماجه رقم (325).