من البشر، وانتقل
إلي الرفيق الأعلى، وترك الدنيا صلى الله عليه وسلم، هذه مسألة عظيمة في العقيدة،
وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كغيره، بلغ الرسالة، وأدَّي الأمانة، وترك فينا
كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولما أكمل الله به الدين، وأتم به
النعمة، توفاه الله عز وجل: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ
لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ﴾ [المائدة: 3]، وما عاش صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية
إلاَّ بضعة وثمانين يوما، ثم توفي صلى الله عليه وسلم، وقد أعطاه الله أمارة «علامة»،
إذا رآها، فإنها دليل على قرب أجله صلى الله عليه وسلم، أنزل الله عليه قوله -
تعالي -: ﴿إِذَا
جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ ١ وَرَأَيۡتَ
ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا ٢ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ
تَوَّابَۢا﴾ [النصر: 1- 3]، هذه علامة، جعلها
الله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، تدل على قرب أجله، فكان يستغفر الله في
الركوع بعدما نزلت عليه هذه الآية يتأول القرآن؛ كما تقول عائشة؛ يعني: يفسر
القرآن بذلك([1]).
الفائدة السادسة: فيه العمل
بالإشارة، في الحديث العمل بالإشارة؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتكلم،
ولكنه يعطي إشارة إلي ما يريد، ففهمت عائشة رضي الله عنها هذه الإشارة، فعملت بها.
«وفي لفظ: فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: «أَنْ نَعَمْ». هذا لفظ البخاري ولمسلم نحوه».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (817)، ومسلم رقم (484).