ولو كانت لا تأكل طعام، ولو كانت طفلة، الجارية - يعني: الأنثي الصغيرة - بولها نجس، ولو لم تأكل الطعام، وفي الحديث الآخر: «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلاَمِ»([1])، هذا خاص بالذكر، وقد اختلف العلماء في الحكمة في الفرق بين الذكر والأنثي، في كون الذكر يكفي نضوح بوله بالماء، والأنثي لابد من غسله كالكبيرة، ما الفرق بينهما مع أن كل منهما صغير، كل منهما لم يأكل الطعام؟ الحكمة في هذا خفية - والله أعلم -، لكن منهم من يقول: لأن الغلام يكثر حمله للشفقة عليه ومحبته، ويحصل منه تبول، فيسر الله على المسلمين في أن يكتفوا بنضح بوله، دفعًا للمشقة للتخفيف؛ لأن الشيء إذا كثر وشق على الناس فإنه ييسر، فلما كان الغلام له محبة في قلوب الناس ويكثرون من حمله، خفف الله فيه في أنه ينضح من بوله فقط، بشرط أن يكتفي باللبن، ولا يأكل الطعام، فإن أكل الطعام فإنه مثل الكبير يغسل من بوله، لأن الأصل في البول النجاسة، وأنه يغسل، واستثني منه بول الغلام، هذا الذي يرضع اللبن، ولا يأكل الطعام، فيقتصر على موضع الدليل، لأنه استثناء من الأصل، وتخصيص من الأصل، فيوقف عنده، وأما الأنثى، قالوا: لأن الناس ما يميلون إليها، ولا يشفقون عليها، ولا يكثر حملها، فبقيت على الأصل، بقيت على أن بولها نجس نجاسة مغلظة، وأنه يغسل كغيره من الأبوال، هذا قيل في الفرق، وقيل: لأن الغلام الذكر مخلوق أصله من
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (376)، والنسائي رقم (304)، وابن ماجه رقم (526).