×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

فتزوجها أبو طلحة رضي الله عنه وكان عندها أنس صبي صغير، فجاءت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: هذا أنس يخدمك، فقبله النبي صلى الله عليه وسلم، وبقي عند النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن مات، خدمه عشر سنين، كان في ذلك البركة عليه وعلى ذريته رضي الله عنه جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذه المرأة الكريمة، تسأله عن دينها، فقالت: «يَا رَسُولَ الله إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟»، والاحتلام هو أن يرى الإنسان أنه يجامع وهو نائم، يرى الإنسان - يعني: في الرؤيا - أنه يجامع، فيخرج منه المني، يخرج منه المني بالاحتلام، وهذا يحصل للرجل، ويحصل للمرأة، المرأة ترى ما يراه الرجل، ولذلك جاءت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: «يَا رَسُولَ الله إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ»، هذا كقوله - تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ [البقرة: 26]، والحياء من صفات الله سبحانه وتعالى، يوصف أنه حيي كريم سبحانه وتعالى «إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وتعالى حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا»([1])، فالله يوصف بالحياء على ما يليق بجلاله، وهو ليس مثل حياة المخلوق، وإنما هو حياء يليق بالله عز وجل، وأما الذين حاصوا ومصوا حول هذه الكلمة من شراح الحديث بالتأويل، فلا داعي إلى هذا التكلف، نحن نثبت هذا لله عز وجل، كما أثبته له رسوله، فقال: «إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وتعالى حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا»، ولكنه سبحانه وتعالى لا يستحيي من الحق،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (1488)، والترمذي رقم (3556)، وابن ماجه رقم (3865).