×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

الله لا يستحيي من الحق، فلا ينبغي للمؤمن أيضًا أن يستحيي من الحق، إنما الحياء يكون من الشيء المكروه والشيء المذموم، فالإنسان يستحي من الأشياء المذمومة ومن الأخلاق السيئة، يستحي منها، وهذا الحياء لا يأتي إلاَّ بخير، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إلاَّ بِخَيْرٍ»([1])، وقال: «الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِْيمَانِ»([2])، هذا الحياء، من الأمور المكروهة التي يستحي منها الإنسان، وأما الأمور الواجبة وأمور الدين، فلا يستحي الإنسان منها، فإن استحى، فهذا ليس حياء محمودًا، وإنما هو خجل وضعف، وليس حياء، قد يكون الإنسان عنده خجل، يخجل أن يسأل، هذا مذموم أن يخجل الإنسان، ولا يسأل عن أمور دينه، ولا يأمر بالمعروف، ولا ينهي عن المنكر، هذا حياء مذموم، وخجل وضعف وخور، إنما الحياء الممدوح هو الذي يكف صاحبه عما لا يليق، هذا هو الحياء الممدوح والمطلوب، وهو شعبة من الإيمان، فالله جل وعلا يوصف بأنه يستحيي الحياء الذي يليق بجلاله جل وعلا، وهذه صفة كمال، لكنه لا يستحي من الحق، يبين الحق لعباده: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ [البقرة: 26]، وأم سليم تقول هذا، تقول: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ»، وكذلك المؤمن لا يستحيي من الحق، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أمر تستحي منه غالب النساء من باب الضعف والخور.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6117)، ومسلم رقم (37).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (9)، ومسلم رقم (35).