عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كُنْتُ
أَغْسِلُ الجَنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَخْرُجُ
إِلَى الصَّلاَةِ، وَإِنَّ بُقَعَ المَاءِ فِي ثَوْبِهِ»([1]).
وفي لفظ لمسلم: «لَقَدْ كُنْتُ أَفْرُكُهُ
مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرْكًا فَيُصَلِّي فِيهِ»([2]).
هذا الحديث في بيان
حكم المني، ويسمى بالجنابة، «كُنْتُ أَغْسِلُ الجَنَابَةَ»؛ يعني: المني،
سمي المني جنابة من المجانبة؛ لأن المني جانب محله، وخرج من محله، فهذا الحديث
يدل على مسائل:
المسألة الأولى: فيه بيان خدمة أهل
الفضل، ولا سيما الزوجة لزوجها، فإن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها كانت تخدم
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك أنها كانت تزيل أثر المني من ثوبه صلى الله
عليه وسلم.
المسألة الثانية: في الحديث دليل على أن المني طاهر، أنه طاهر؛ لأنه في الرواية الثانية اكتفت بفركه، ولو كان نجسا، كان لابد من غسله، والاكتفاء بفركه إذا كان يابسًا يدل على طهارته، فهو مثل البساط والمخاط، يكتفي بفركه وإزالته، وأما غسلها إياه، فهذا إذا كان رطبًا، وهو من باب النظافة، لا من باب التنظيف؛ لأنه لا يمكن فركه، وإن كان يابسًا، فإنه يكتفي بفركه، وهذا من باب النظافة، ولو صلى الإنسان على ثوبه شيء من المني، صلاته صحيحة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (229)، ومسلم رقم (289).