×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

 يكفي، وأما إذا لم يدبر، ولم يقتصد فيه، فإن الكثير لا يكفي، ولهذا يقول الإمام الشافعي رحمه الله: «قد يرفق بالماء فيكفي ويحرق بالكثير فلا يكفي»، فالمدار على حسن الاستعمال، لا على كثرة الماء، فهذا الحديث يدل على مسائل:

المسألة الأولى: يدل على أنه ينبغي التقليل من الماء في الاغتسال، مع إسباغ الاغتسال، وإيفائه، وأن هذا أفضل من كثرة صب الماء، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسراف في الماء، فالسنة أن الإنسان لا يستهلك كمية كبيرة من الماء، وهذا في جميع العبادات؛ أن الإنسان يعتدل فيها، ولا يغلو ويتشدد فيها، بل يتوسط في جميع العبادات، ومنها الاغتسال من الجنابة، فينبغي أن الإنسان ما يزيد ويغلو ويتشدد ويكثر من الماء؛ مثلما يفعل بعض الموسوسين، أو بعض المسرفين؛ فالعبادة لا يجوز فيها الإسراف والغلو، وإنما العبادة تكون بالاقتصاد والاعتدال من غير إخلال من غير زيادة؛ يعني: لا إفراط ولا تفريط في كل العبادات، هذا المنهج السليم من غير إفراط وكثرة، ومن غير تفريط وإضاعة، هذا في جميع العبادات، والماء بالذات إذا أسرف فيه الإنسان، ارتكب محظورين؛ المحظور الأول أنه غلا في العبادة، وزاد فيها، المحظور الثاني: أنه ضيع الماء، وقد يكون لا يحصل عليه إلاَّ بتعب وبأثمان كثيرة وتكاليف، كما هو الحال الآن، تعلمون أن الماء كم يستهلك من الدولة من النفقات، فلا ينبغي الإسراف فيه وإضاعته، فالإسراف فيه إهدار لثروة عظيمة من غير فائدة،


الشرح