×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

لأنه رفق به ولم يبذر، ودبره تدبيرًا حسنًا، فكفى، بعض الناس يظن أنه إذا أكثر صب الماء، يكون هذا أفضل وأتم شيء، وقد يكثر صب الماء، ولا يرتفع حدثه؛ لأنه لم يغتسل اغتسالاً صحيحًا، يخرج ما اغتسل؛ لأنه ما أجرى الماء على كل بدنه، يصب الماء بدون تقدير وبدون دراية، ويظن أن هذا لم يكفي، ينبغي التفطن عند هذا الأمر؛ عند الوضوء عند الاغتسال، عند استعمال الماء في أي شيء يستعمل الرفق، يستعمل الاقتصاد ولا يصرف من الماء إلاَّ بقدر الحاجة، وقد ورد في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ، قَالَ: «نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ»([1]). لا تسرف ولو كنت على نهر جار، فهذه مسألة ينبغي التفطن لها وتنبيه الناس عليها.

المسألة الثانية: في الحديث دليل على الاقتداء به صلى الله عليه وسلم؛ فإن جابرًا رضي الله عنه ذكر لهؤلاء الذين جلسوا عنده من قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم، ذكر لهم مقدار ما كان يغتسل به صلى الله عليه وسلم؛ لأجل الاقتداء، وليس بلازم أن يتقيد الإنسان بالصاع، ولكن هذا مبدأ في الاقتصاد، أن الإنسان يحرص على تقليل الماء كلما أمكن ذلك، كان صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع، ويتوضأ بالمد «ربع الصاع»، الوضوء بمد «ربع الصاع»، وجاء في حديث إنه بثلثي مد توضأ صلى الله عليه وسلم([2])، هذا مقدار طهوره صلى الله عليه وسلم، الوضوء مد أو ثلثي مد، والاغتسال بالصاع، صاع من الماء، فينبغي الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في تقليل


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (425) وأحمد رقم (7065).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (94)، والنسائي رقم (74).