×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

«ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدَيْهِ شَعَرَهُ»، وهذا فيه دليل على أنه يشرع للمغتسل أن يخلل الشعر، بمعني يدخل أصابعه بين الشعر من أجل أن يرويه، ويبلغ الماء.

«حَتَّى إِذَا ظَنَّ»، قيل: معناه: إذا تيقن؛ لأن الظن يطلق ويراد به اليقين؛ كما في قوله - تعالي -: ﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ ٤٥ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ [البقرة: 45- 46 ]؛ يعني: يتيقنون، فالظن يطلق ويراد به اليقين، وقيل: إن الظن هنا على بابه، وهو ما ترجح عند الإنسان، كون عند الإنسان احتمالان، أحدهما ارجح من الآخر، فالمترجح هو الظن، فيكون على بابه، «ظَنَّ» يعني: ترجح عنده أنه قد أروي، «حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ»، «أَرْوَى بَشَرَتَهُ»؛ يعني: بلغها الماء، والبشرة المراد بها الجلد؛ لأنه لابد أن يجري الماء على الجلد، ويوصل الماء إلي الجلد.

«أَفَاضَ عَلَيْهِ المَاءَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ»، أفاض الماء يعني: صبه على جسمه صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، يعمم جسمه في كل مرة، ففيه استحباب التثليث في الاغتسال.

«ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، وَكَانَت تَقُول: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، نَغْتَرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا»، هذا - كما سبق - أنه لا بأس أن يغتسل الرجل وزوجته في مكان واحد، وأن ينظر بعضهما إلي بعض؛ لأن الله أباح ما بينهما، فلا بأس أن يغتسلا متعرين في المكان؛ لأن الله أباح أحدهما للآخر.


الشرح