مسح يده بالجدار؛
حتى يزيل هذه الرائحة العالقة بيده من أثر غسل الفرج، وهذا من باب الاستحباب، ليس
واجبًا، ثم إنه تمضمض واستنشق، بعد الاستنجاء تمضمض بفمه، أدخل الماء إلي فمه، ثم
مجه ثلاث مرات ثم استنشق في أنفه، أدخل الماء إلي أنفه، ثم نثره ثلاث مرات، فهذا
فيه البداءة بالمضمضة والاستنشاق داخلان في الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر؛ لأجل
أن يزيل الحدث عن داخل فمه وعن داخل أنفه، هل هذا للوجوب أو هو للاستحباب؟ مجرد
الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل عل الوجوب، ولذلك ذهب كثير من العلماء
إلى أنه مستحب، وليس واجبًا، ولكن جاء الحديث - كما سبق - في الوضوء أنه أمر
بالمضمضة والاستنشاق، وقال: «بَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ إلاَّ أَنْ تَكُونَ
صَائِمًا»([1])، فالأقرب - والله
اعلم - وعليه جمع من العلماء أن المضمضة والاستنشاق واجبان، وأنه لو لم يتمضمض،
ولا يستنشق، لا يصح وضوؤه، ولا يصح اغتساله؛ لأنه ترك شيئًا من جسمه لم يغسله من
الحدث؛ لأن الأنف والفم في حكم الظاهر، وهما من الوجه، والله أمر بغسل الوجه، ومنه
المضمضة والاستنشاق؛ لأنهما من الوجه.
ثم إنه توضأ صلى الله عليه وسلم وضوءه للصلاة، ثم أفاض الماء على جسمه صلى الله عليه وسلم ناويًا الاغتسال ثلاث مرات، «ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ»، في مكان آخر، هذا فيه أنه يؤخر غسل الرجلين بعد الاغتسال، وفي الأحاديث الأخرى
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2366)، والترمذي رقم (788)، وابن ماجه رقم (407).