بقي من أهل الأرض،
والجواب عن هذا: أن أصل نبوة نوح عليه السلام خاصة، وإنما صار نبيًّا لمن بقي بعد
الغرق، هذا ليس في أصل النبوة، وإنما هو بعد الغرق فقط، والنبي صلى الله عليه وسلم
آخر نبوته عامة، فلا يتعارض هذا مع هذا.
بعث إلى الناس كافة،
وهذا في القرآن: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا﴾ [سبأ: 28]، ﴿قُلۡ
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: 158]، بل هو رسول إلى
الجن والإنس: ﴿وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ
ٱلۡقُرۡءَانَ﴾ [الأحقاف: 29]، ﴿قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ
أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ﴾ [الجن: 1]، فدل على أن بعثته
صلى الله عليه وسلم للثقلين الجن والإنس.
«جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»، هذا هو محل الشاهد من الحديث، «جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا»؛ يعني: صالحة للصلاة فيها، كلها تصلح الصلاة فيها، بينما كانت الأمم السابقة يصلون في أمكنة خاصة؛ في بيعهم وكنائسهم، أما هذه الأمة، فإن الله وسع عليها، فجعل الأرض كلها لها صالحة للصلاة، «مَسْجِدًا»؛ يعني: مكانًا للصلاة، «وَطَهُورًا»؛ أي: ترابها طهور، فأيما عبد أدركته الصلاة، فعنده مسجده وطهوره، هذا محل الشاهد من الحديث: «جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»، وذلك بالتيمم لمن لم يجد الماء، وقوله: «جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ» يدل على أنه يصح التيمم على جميع الأرض، سواء التراب، أو الرمل، أو أي شيء من وجوه الأرض، فيتيمم على الأرض أيًّا كان نوع هذه البقعة، وبعض العلماء يقول: إنه لا يصح