×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي المَغَانِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لأَِحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً»([1]).

 

هذا الحديث يتحدث فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بنعمة الله، وما خصه به دون غيره من الأنبياء، الله جل وعلا خصه بخصائص دون غيره من الأنبياء؛ لأنه هو أفضل الأنبياء صلى الله عليه وسلم، وهو خاتم النبيين، الله أعطاه هذه الخصائص، وهي كثيرة، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث منها خمسًا، وللإمام السيوطي كتاب سماه: «كتاب الخصائص النبوية»، يبلغ مجلدين ضخمين، فهذا الحديث فيه ذكر هذه الخمس.

قوله صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيتُ خَمْسًا»؛ أي: أعطاني الله جل وعلا «خَمْسًا»؛ أي: خمس خصال، لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي:

الأولى: أنه صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، أما بعثة هذا النبي، فهي عامة لجميع أهل الأرض، عربهم وعجمهم، وباقية إلى أن تقوم الساعة، لا يأتي بعده نبي، هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، بعضهم استشكل أن نوحًا عليه السلام بعد الغرق صار نبيًّا لمن


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (335)، ومسلم رقم (521).