صحابيًّا أو لا، فهو
صحابي جليل، وهو ممن سكنوا العراق، يعلمون الناس، ويفقهونهم في دين الله، حتى قال
الحسن البصري ومحمد بن سيرين رحمهما الله: لم يأتنا أفضل من عمران بن حصين رضي الله
عنه.
وقوله: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً مُعْتَزِلاً لَمْ يُصَلِّ فِي القَوْمِ، فَقَالَ: «يَا فُلاَنُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي القَوْمِ؟» فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلاَ مَاءَ، فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ»، فهذا الحديث فيه أن هذا الرجل اعتزل، ولم يصل مع الناس، ولم يجلس عند المصلين، وهذا من حسن أدبه؛ أنه لم يجلس عند المصلين، ولكنه اعتزل في ناحية، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: لماذا؟ هذا فيه أن العالم يستفصل من الإنسان الذي يرى عليه ملاحظة قبل أن ينكر عليه، يستفسر منه؛ لعل له عذر، النبي صلى الله عليه وسلم استفسر منه وسأله: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي القَوْمِ؟» فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ؛ إما باحتلام أو غيره، ومعلوم أن الجنب يجب عليه الاغتسال، ولكن لا ماء، المكان الذي هم فيه ليس فيه ماء، فهذا الرجل إما لم يعلم بمشروعية التيمم، وإما أنه علم، وظن أن التيمم إنما هو عن الوضوء فقط، ولا يستعمل عن الجنابة؛ لأن هناك من يرى أن التيمم لا يكفي في الجنابة، منهم عمر وابن مسعود، وإنما هو في الوضوء فقط، ويروى أنهما رجعا بعد ذلك، ولكن المشهور أنهم لا يرون ذلك، فربما أن هذا الرجل على هذا المذهب، يرى أن الاغتسال من الجنابة لابد منه، فإذا لم يوجد ماء، فإن الإنسان لا يصلي، النبي صلى الله عليه وسلم أزال عنه هذا الإشكال،