×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

فلم يحرم إلاَّ المحيض - يعني: مخرج الحيض - فدل على أن بدنها طاهر، وأنها يجوز مباشرتها، ويجوز الاستمتاع بها لزوجها، وأن عرقها طاهر، وريقها طاهر، ولا يؤثر عليها الحيض في هذه الأمور، وأن ما طبخته طاهر، وما غسلته طاهر، وهذا من رفع الحرج عن هذه الأمة وتيسير من الله سبحانه وتعالى.

ثم قالت: «وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَيَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ»، هذا فيه أيضًا أن المعتكف يجوز له أن يخرج بعض بدنه من المعتكف، ولا يخل هذا بالاعتكاف، أن خروج بعض البدن من مكان الاعتكاف لا يخل بالاعتكاف، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخرج رأسه إلى عائشة وهي في حجرتها؛ لأن حجرة عائشة بجانب المسجد، فكان يخرجه من نافذة إليها، فترجله، وتصلحه، فدل هذا على طهارة بدن الحائض، ودل على أنه لا يضر إخراج المعتكف بعض بدنه من المعتكف، وفيه خدمة المرأة لزوجها، وكان يقرأ القرآن في حجرها وهي حائض، هذا - أيضًا - دليل على أن للزوج أن يضع رأسه في حجر امرأته الحائض، وأن يقرأ القرآن في حجر الحائض، ولا يمنع من ذلك أنها حائض، استنبط منه بعض العلماء أن الحائض لا تقرأ القرآن؛ لأن عائشة ما قالت هذا، إلاَّ لأن عندها أن الحائض لا تقرأ القرآن، ولو كانت الحائض تقرأ القرآن، ما أشكل عليها أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كَانَ يَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِهَا، وَهِيَ حَائِضٌ، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ»([1])، فدل على أن


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7549)، ومسلم رقم (301).