كأنها تعترض على الله سبحانه وتعالى، وهذا شأن الخوارج أنهم يعترضون على أحكام الله عز وجل، فعائشة فهمت أنها تسأل سؤال استنكار، بينما هي تسأل سؤال تفقه، وليست تسأل سؤال استنكار، ولذلك قالت: «لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ»؛ يعني: لست أرى رأي الخوارج، ولكني أسأل من باب التفقه في دين الله عز وجل، فأجابتها عائشة بالحديث، أجابتها بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقالت: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ»، فالمسألة مسألة اتباع، المسألة ليست مسألة فكر وعقل، وإنما هي مسألة اتباع، وهكذا كان الأمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: «فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ»، واستدلوا بهذا على أن الصحابي إذا قال: كنا نفعل كذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أو كنا نترك كذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أن هذا له حكم المرفوع للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه قاعدة أصولية، إذا قال الصحابي: كنا نفعل كذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أو كنا لا نفعل كذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أن هذا له حكم الرفع؛ لأن هذا من باب التقرير؛ لأن السنة إما قول، وإما فعل، وإما تقرير، فهذا من التقرير؛ يعني: أن الله أقر النساء على ذلك، ولو كان يجب عليهن قضاء الصلاة، ما أمرهن بذلك، فعائشة أجابتها بالدليل، ولم تقل لها: لأن الصلاة كذا وكذا، فلم يؤمر بقضائها، وإنما أجابتها بالدليل، وهذا أقطع للخصم، إذا أجبت بالدليل، فإنك سددت على الخصم أن يعترض، أما إذا أجبت برأي، فربما يعارضك الخصم برأي آخر، فإذا ذكرت الدليل، انسد الباب،