وليس لأحد أن يعترض،
فهذا من فقه عائشة رضي الله عنها، وقد ذكر العلماء أن الحكمة في كون الحائض تقضي
الصيام ولا تقضي الصلاة، أن الصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، بخلاف
الصيام، فإنه لا يتكرر، ولو أمرت بقضاء الصلاة، لشق ذلك عليها، بينما الصيام لا
يشق عليها؛ لأنه لا يتكرر، فهذه هي الحكمة في كون الحائض تؤمر بقضاء الصيام ولا
تؤمر بقضاء الصلاة، فهذا الحديث فيه مسائل:
المسألة الأولى: فيه، أن من سأل سؤال
تعنت، لا سؤال تفقه، فإنه يعنف عليه؛ لأن عائشة رضي الله عنها عنفتها، قالت لها: «أَحَرُورِيَّةٌ
أَنْتِ؟» هذا من باب التعنيف.
المسألة الثانية: فيه أن الحائض تقضي
الصيام فقط، ولا تقضي الصلاة، وفي هذا رد على الخوارج الذين يرون أنها تقضي الصلاة
مع الصيام، وفيه دليل على أن الصحابي إذا قال: كنا نفعل كذا على عهد النبي صلى
الله عليه وسلم، أن هذا له حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتج به
على أنه حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
المسألة الثالثة: في الحديث دليل على التنفير عن مذهب الخوارج والتحذير منهم، فإن عائشة رضي الله عنها قالت لها: «أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟»، هذا من باب الاستنكار لمذهب الخوارج، والتنفير منه، وكذلك كل مذهب باطل، فإنه يجب التحذير منه والتنفير عنه، وهذا من باب النصيحة للمسلمين، ولا يقال: حرية الرأي - مثلما يقال الآن - وسماع الرأي الآخر - كما يقولون - لا، نحن لا نسمع إلاَّ لكلام الله وكلام