عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهَاجِرَةِ،
وَالعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ، وَالمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ، وَالعِشَاءَ
أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا، إِذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وَإِذَا رَآهُمْ
أَبْطَؤُوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهَا
بِغَلَسٍ»([1]).
قال: الهاجرةُ: هي شدة الحر بعد الزوال.
وإنما المراد
بالإسفار التأكد من طلوع الفجر، حتى يرى ضوء النهار بعد الفجر الثاني، هذا هو
الجواب عما استدل به أبو حنيفة رحمه الله.
«لاَ يَعْرِفُهُنَّ
أَحَدٌ، مِنَ الغَلَسِ»، «مِنَ الغَلَسِ» يعني: من الظلام، فدل على
التبكير بالفجر.
هذا الحديث فيه
تفصيل لما أُجمل في الحديث الأول، فقوله: «يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهَاجِرَةِ»؛
يعني: في شدة الحر إذا زالت الشمس، فدل على أنه يبادر بها في أول وقتها، والهجير
هو الحر، لكن جاء في حديث: «إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ،
فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ»([2])، وهذا سيأتي،
فالأصل أنه يبادر بالصلاة، هذا هو الأصل أن يبادر بالصلاة، لكن إذا اشتد الحر،
فإنه يبرد بالصلاة؛ بحيث لا يشق على الناس، هذا الظهر.
أما العصر كان يصليها «وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ»؛ يعني: بيضاء، لم يغشها الاصفرار؛ لأنها بعد العصر إذا طال الوقت تصفر، وفي أول الوقت تكون بيضاء، فدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يصليها وقت بياض الشمس قبل أن تصفر، دل على أنه يبادر بالعصر، ويصليها في أول وقتها.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (560)، ومسلم رقم (646).