×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

قال الله جل وعلا: ﴿فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ [مريم: 59]، ومعنى ﴿أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ أي: أخرجوها عن وقتها، ولو كان المراد أنهم تركوا الصلاة، لقال: تركوا الصلاة، فإضاعة الصلاة تأخيرها عن وقتها، ولو صلاها، قال تعالى: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ ٤ ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ [الماعون: 4- 5]، ﴿عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ هذا في الذي يخرجها عن وقتها، سماهم الله مصلين: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ [الماعون: 4]، ثم قال: ﴿ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ [الماعون: 5]؛ أي: الذين يؤخرونها، يصلونها في غير وقتها من غير عذر، توعدهم الله سبحانه وتعالى، أما الذي لا يصلي أصلا، فهذا كافر، قال صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاَةِ»([1])، الذي يتركها متعمدًا هذا كافر، على خلاف بين العلماء: هل هو كافر الكفر الأكبر المخرج من الملة أو الكفر الأصغر؟ والصحيح أنه الكفر الأكبر المخرج من الملة، فأمر الصلاة عظيم؛ لأنها الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، ولأنها أول ما فرض على النبي صلى الله عليه وسلم من العبادات، فرضت في مكة قبل الهجرة ليلة المعراج، فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في السماء، بخلاف بقية الشرائع؛ فإنها تنزل عليه وهو في الأرض صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل، أما الصلاة، فإنها فرضت عليه، وكلمه الله بها تكليمًا بدون واسطة جبريل، هذا لأهميتها وعظم مكانتها عند الله جل وعلا، وأمر أن تبنى لها المساجد، وأن يرتب لها الأئمة والمؤذنون، وأمر بالاجتماع لها، كل هذا يدل


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (82)، وأبو داود رقم (4678).