×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لَقَدْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الفَجْرَ، فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ المُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ، مِنَ الغَلَسِ»([1]).

 

 الوالدين، هذا إذا حوصر بلده الذي هو ساكن فيه، فإنه يدفع عن نفسه وعن إخوانه المسلمين المقيمين في هذا البلد، ولا ينتظر الإذن من أحد؛ لأن هذه مسألة ضرورة، أما الجهاد الذي هو الغزو، أو الجهاد الذي فيه مساعدة للبلدان الأخرى من بلدان المسلمين، هذا مستحب، ويشترط فيه إذن الوالدين، لأن حقهما مقدم، وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الجِهَادِ، فَقَالَ: «أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ»([2]) فقدم بر الوالدين على الغزو في سبيل الله عز وجل، فهذا الحديث فيه فضل الصلاة في أول وقتها، وهو الشاهد للباب، ثم قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ»؛ أي: طلبت من الرسول صلى الله عليه وسلم الزيادة، «لَزَادَنِي»، فهذا فيه أنه لا ينبغي كثرة الأسئلة والإثقال على العالم، أن يثقل عليه، وأن يكثر عليه الأسئلة، وإنما يسأله أسئلة لا تحرجه وتشق عليه، ولا يستزيد من الأسئلة، فيحرج أو يثقل العالم.

هذا فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الفجر بأصحابه «فَيَشْهَدُ مَعَهُ»، يعني: يحضر الصلاة معه «نِسَاءٌ» من نساء الصحابة رضي الله عنهن


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (372)، ومسلم رقم (645).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3004)، ومسلم رقم (2549).