عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:
أَعْتَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالعِشَاءِ، فَخَرَجَ عُمَرُ فَقَالَ:
الصَّلاَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَقَدَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ
وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ يَقُولُ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي - أو على
النَّاسِ - لَأَمَرْتُهُمْ بِالصَّلاَةِ هَذِهِ السَّاعَةَ»([1]).
يصلي المغرب، فيكون
قوله: «صَلاَّهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ»؛ أي: بعد دخول المغرب
صلاها، ثم صلى صلاة المغرب؛ لأن الترتيب بين الصلوات واجب، هذا ما يدل عليه هذا
الحديث، وسبق لنا في الحديث في صلاة العشاء أنه قال: «الَّتِي تَدْعُونَهَا العَتَمَةَ»،
فقوله «تَدْعُونَهَا العَتَمَةَ» هذا يدل على كراهة هذا الاسم، أنها لا
تسمى بالعتمة، وإنما تسمى العشاء؛ كما سماها الله في القرآن: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسۡتَٔۡذِنكُمُ ٱلَّذِينَ
مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَبۡلُغُواْ ٱلۡحُلُمَ مِنكُمۡ ثَلَٰثَ
مَرَّٰتٖۚ مِّن قَبۡلِ صَلَوٰةِ ٱلۡفَجۡرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ
وَمِنۢ بَعۡدِ صَلَوٰةِ ٱلۡعِشَآءِۚ﴾ [النور: 58]، فيكره أن تسمى بالعتمة؛ لأن
هذا من أسماء الجاهلية، كانوا يسمونها العتمة، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن
هذا الاسم، وقال في هذا الحديث: «الَّتِي تَدْعُونَهَا»، دل على أنه غير
راض عن هذا.
هذا حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتم في صلاة العشاء، تقدم أن وقت صلاة العشاء يبدأ من مغيب الشفق، ويستمر إلى طلوع الفجر، ولكنه ينقسم إلى قسمين: وقت الاختيار - وهذا إلى ثلث الليل، أو إلى نصف الليل على قول آخر -، ووقت الضرورة إلى طلوع الفجر، وفي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم «أَعْتَمَ بِالعِشَاءِ»،
([1]) أخرجه: البخاري (7239)، ومسلم رقم (642).