وَالصِّبْيَانُ» الحاضرون في
المسجد، وقيل: إن المراد النساء والصبيان الذين في البيوت ينتظرون رجوع آبائهم
وأمهاتهم، فالكلام يحتمل معنيين: المراد الذين حضروا، أو المراد الذين في البيوت،
وينتظرون آباءهم الذين خرجوا للصلاة. وعلى كل حال هذا فيه دفع للمشقة عن الضعفاء،
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة «وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ»؛ أي: شعر
رأسه يقطر من الماء، قالوا: هذا فيه دليل على أن المتطهر لا يتنشف من ماء الطهارة،
بل يتركه، وهذا - كما سبق - أنه صلى الله عليه وسلم لما توضأ، أتي بمنديل، فلم
يُرِدْه؛ كما سبق البحث في هذا.
ثم قال صلى الله
عليه وسلم: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِهَذِهِ
الصَّلاَة هَذِهِ السَّاعَةَ»، هذا فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم يرفق
بأمته، ويراعي أحوالهم، وكذلك ينبغي لكل من ولي من أمر المسلمين شيئًا في الصلاة
أو في غيرها أن يراعي أحوال من تحت يده، ولا يشق عليهم، النبي صلى الله عليه وسلم
ترك أمرهم بالصلاة في هذا الوقت مع أنه أفضل، ويحب أن يصلي فيه؛ دفعا للمشقة عن
الضعفة.
«لَوْلاَ أَنْ
أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِهَذِهِ الصَّلاَة هَذِهِ السَّاعَةَ»، هذا فيه دليل على
أن الأمر للوجوب، وهو الأصل فيه.
«هَذِهِ السَّاعَةَ»؛ يعني: الساعة التي
خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي ثلث الليل، فهذا الحديث فيه هذه
الفوائد العظيمة:
أولاً: فيه حضور الصبيان
والنساء للمساجد لحضور الصلاة.
ثانيًا: فيه تنبيه الإمام.