×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

ولمسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لاَ صَلاَةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلاَ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَْخْبَثَانِ»([1]).

 

بل يكون مشغول القلب بالطعام، فلذلك شرع له أن يأخذ رغبته من الطعام؛ حتى يدخل في الصلاة وهو مرتاح النفس، لا يفكر بشيء، فهذا فيه دليل على أن تحصيل الخشوع مقدم على فضيلة أول الوقت وعلى صلاة الجماعة، مع أن صلاة الجماعة واجبة، ولكن تحصيل الخشوع مقدم على تحصيل الجماعة؛ لأنه لو صلى مع الجماعة وهو مشغول القلب، فإنه لا يكون خاشعًا في صلاته.

وهذا الحديث مثل الحديث الذي قبله، ويزيد عليه بأنه لا يدخل في الصلاة «وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَْخْبَثَانِ»، والأخبثان هما: البول والغائط؛ تثنية أخبث، وهما البول والغائط.

وقوله: «لاَ صَلاَةَ»؛ أي: لا تشرع الصلاة، أو لا يشرع الدخول في الصلاة بحضرة طعام، وهذا - كما قلنا - إذا صادف حضور الطعام من غير قصد، أما أن يرتب الطعام، أو حضور الطعام يرتب مع الصلاة، فهذا لا يجوز، لكن لو صادف، وحصل أنه حضر الطعام، فإنه يقدم الطعام؛ كما سبق في الحديث الذي قبل هذا.

ويزيد هذا الحديث على أنه لا يدخل في الصلاة، وهو حاقن للبول، أو وهو حامل للغائط؛ لأن ذلك يشغله عن صلاته، وقد يخل بصلاته؛ لأن حبس البول وحبس الغائط مضر بالإنسان، فقد لا يأتي بالصلاة


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (560).