×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

ليس عليه خوف، فقصر صلى الله عليه وسلم، ولما سئل صلى الله عليه وسلم: وما بالنا نقصر وقد أمنا؟ قال: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ»([1])، القصر في السفر رخصة، وفعله أفضل من الإتمام؛ اقتضاءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وفيه مشروعية الجمع في السفر بين الصلاتين، إذا كان هذا أرفق بالمسافر جمع تقديم أو جمع تأخير، فيجمع الظهر مع العصر؛ إما في وقت الظهر وهو جمع التقديم، وإما في وقت العصر وهو جمع التأخير، كذلك المغرب والعشاء، إما في وقت المغرب جمع تقديم، أو في وقت العشاء جمع تأخير، حسب الأرفق بالمسافر، وفيه أنه لا تؤدى الراتبة، حيث أن الراتبة لا تؤدى للذي يقصر الصلاة؛ لأنه لم يذكر في هذا الحديث أنه أتى بالراتبة لا قبل ولا بعد، وإنما اقتصر على صلاة الفريضة مقصورة، ففيه دليل على أن الرواتب لا تشرع في حق من يقصر الصلاة.

ثم قال: «ثُمَّ نَزَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ»، هذا فيه دليل على أن المسافر يقصر في كل السفر؛ من خروجه من بلده إلى أن يرجع إليه، إلاَّ أن يقيم إقامة في أثناء سفره، يقيم إقامة طويلة، ينوي إقامة طويلة، فإنه يرجع إلى الإتمام؛ لأن الأصل في الإقامة إتمام الصلاة، فيرجع إلى الأصل، وهو أن الأصل في الإقامة إتمام الصلاة، وإنما القصر في السفر، وهذا قطع السفر، ونوى إقامةً طويلةً، فيعود إلى الأصل من إتمام الصلاة، هذا قول جمهور أهل العلم.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (686).