×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ»([1]).

 

كان للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذنان، أحدهما: بلال بن رباح، والثاني: ابن أم مكتوم، وكان من سادات المهاجرين، وهو أعمى رضي الله عنه، وكان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم، اختلف في اسمه على أقوال، أشهرها أن اسمه عمرو بن أم مكتوم، نسبةً إلى أمه، نسب إلى أمه، هذا فيه دليل على أنه لا بأس أن ينسب الإنسان إلى أمه، والمؤذن الثاني: بلال بن رباح، وكانا يؤذنان لصلاة الفجر، فهذا فيه دليل على جواز اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد، مؤذنين فأكثر حسب الحاجة في مسجدٍ واحد، وأنهما لا يؤذنان جميعًا، وإنما يؤذن واحد في أول الوقت أو قبل دخول الوقت، أي: قرب دخول الوقت، والحكمة من أجل أن ينبه الناس أن الوقت قريب؛ حتى يتنبهوا، ثم يؤذن المؤذن الثاني على طلوع الفجر؛ حتى يعلموا بدخول الوقت، هذه هي الحكمة من جعل مؤذنين في الفجر، المؤذن الأول ينبههم على قرب دخول الفجر، من أجل أن المتهجد يوتر، وينهي الصلاة، ومن أجل أن النائم يستيقظ من نومه، ويتوضأ، ويتهيأ للصلاة، ثم يؤذن المؤذن الثاني على طلوع الفجر، وأيضًا الصائم يتهيأ للصوم والإمساك، إذا علم أن الفجر قد قرب، لا يسترسل في الطعام والشراب، بل يتهيأ للصوم، ويتهيأ للإمساك، هذه هي الحكمة من الأذان الأول، ثم يؤذن الثاني على طلوع الفجر، أما الذي يؤذن قبل طلوع الفجر، ويقتصر على ذلك، هذا لا ينبغي له


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (617)، ومسلم رقم (1092).