×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

ويقتصر على ذلك، بل لا بد أن يؤذن مرةً ثانيةً عند طلوع الفجر، أو يكون هناك مؤذن آخر يؤذن على طلوع الفجر، فلا يقتصر على الأذان الأول، فيغتر الناس ويصومون قبل طلوع الفجر، أو يصلون الفريضة هذا أشد، فلا يقتصر على مؤذنٍ واحدٍ قبل الوقت؛ لأن هذا يضر الناس، ومثله الأذان الأول يوم الجمعة، وهذا لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أمر به عثمان رضي الله عنه، ثالث الخلفاء الراشدين، وذلك أنه لما اتسعت المدينة، وتباعد الناس فيها، وانشغلوا ببيعهم وشرائهم وزراعتهم، أمر رضي الله عنه من يؤذن الأذان الأول؛ من أجل أن يتهيأ الناس لصلاة الجمعة، ولا تفوتهم صلاة الجمعة مثلما يفعل الناس في صلاة الفجر، وهذا من سنة الخلفاء الراشدين، وليس بدعة؛ كما يقول بعض الجهلة، بل هذا سنة، سنة الخلفاء الراشدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ»([1])، وعثمان بن عفان رضي الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين، والحكمة فيه تنبيه الناس للتهيؤ لصلاة الجمعة؛ لئلا يستمروا في أعمالهم وأشغالهم، فتفوتهم صلاة الجمعة، لكن لا بد أن يكون بين الأذانين يوم الجمعة بينهما فترة على الأقل ساعة أو أكثر، أما أن يكون الأذان الأول والأذان الثاني في آنٍ واحد، وما بينهما إلاَّ دقيقة، فهنا لا فائدة من الأذان الأول، تذهب فائدة الأذان الأول، الذي من أجله أمر به عثمان رضي الله عنه، لا بد أن يكون بينهما


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).