×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

وقت؛ حتى يكون للأذان الأول فائدة، أما أن هذا يؤذن، ثم يؤذن الثاني عند دخول الإمام، فهذا خلاف السنة، ولا فائدة في هذا الأذان الأول على هذا الوصف وهذه الحالة، والأمور تؤخذ بمقاصدها، وتؤخذ كما جاءت، عثمان رضي الله عنه لم يأمر بأذانين في وقتٍ واحد، وإنما أمر بأذانٍ متقدم؛ حتى يتهيأ الناس ويتنبهوا، وما أمر بأذانين في وقتٍ واحدٍ أبدًا؛ لأنه لا فائدة من ذلك.

قوله صلى الله عليه وسلم: «فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ»؛ لأن ابن أم مكتوم كان يؤذن إذا طلع الفجر، كَانَ لاَ يُؤَذِّنُ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: «أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ»([1])، أما بلال، فكان يؤذن بليل؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فيأكل الآكل، ويشرب الشارب الذي يريد الصوم، حتى يطلع الفجر؛ عملاً بقوله تعالى: ﴿وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِۚ [البقرة: 187]، فهذا فيه استحباب تأخير السحور، وألا يقدم السحور فإن ذلك خلاف السنة، يأكل ويشرب إلى أن يطلع الفجر، ويقول صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا أَخَّرُوا السَّحُورَ، وَعَجَّلُوا الْفِطْرَ»([2])، عند غروب الشمس، التقيد بما شرع الله، لا يزاد عليه، فلا يصام من الليل لا في البداية ولا في النهاية، وإنما الصيام في النهار ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فلا يجوز الزيادة في الصيام على ما شرعه الله سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (617).

([2])  أخرجه: أحمد رقم (21507).