×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ»([1]).

 

«فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ»، هذا فيه فضل تأخير السحور، وفيه أنه لا يحرم الأكل والشرب إلاَّ إذا طلع الفجر، وفيه العمل بأذان المؤذن، يعمل بأذان المؤذن في دخول الوقت، وفي الصيام، وفي الصلاة، يعمل بأذان المؤذن، وهذا مما يؤكد على المؤذن ويوجب عليه أن يكون أمينًا؛ لأن الناس سيعتمدون على أذانه في عباداتهم، وفيه جواز أن يكون المؤذن أعمى؛ فقد كان ابن أم مكتوم رضي الله عنه أعمى، وجاء وصفه بالأعمى في القرآن: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ١ أَن جَآءَهُ ٱلۡأَعۡمَىٰ [عبس: 1، 2]؛ يعني ابن أم مكتوم رضي الله عنه، فهو أعمى، ومع هذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنًا، وكان يخلفه على الصلاة إذا سافر، ويخلفه على الإمارة على المدينة إذا سافر صلى الله عليه وسلم، ففيه أنه لا بأس أن يكون المؤذن أعمى، فإن قلت: إذا كان أعمى، كيف يعرف دخول الوقت؟ فنقول يعرفه بالخبر، يسأل، ولهذا كان لا يؤذن، حتى يقال له: «أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ»؛ يعني: يعمل بالخبر، ويسأل الناس: هل دخل الوقت؟ فإذا أخبروه بدخول الوقت، أذَّن.

هذا فيه متابعة المؤذن، يستحب لمن يسمع المؤذن أن يقول مثل ما يقول المؤذن، وهو ما يسمى بالمتابعة، إلاَّ في الحيعلتين - حي على الصلاة، حي على الفلاح -، فقد جاء في الحديث الآخر أنه


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (611)، ومسلم رقم (383).