×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

أما الوضوء بالضم، فهو المصدر، مصدر توضأ وضوءًا، خرج النبي صلى الله عليه وسلم بالوُضُوء؛ أي ببقية الماء الذي توضأ به صلى الله عليه وسلم في الخيمة، فلما رآه الصحابة، أحاطوا به؛ يتبركون بهذا الماء الذي فيه أثر النبي صلى الله عليه وسلم، يتبركون بذلك، فمنهم من نال من الماء أخذ منه، ومنهم من نضح؛ يعني: رش عليه من هذا الماء، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم؛ أنه يتبرك بما انفصل من جسمه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مبارك، فما انفصل من جسمه، ففيه بركة، كانوا يتبركون بوضوئه، ويتبركون بشعره إذا حلق شعره، فيتبركون بعرقه صلى الله عليه وسلم، ويتبركون بريقه صلى الله عليه وسلم، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، أما غيره من الصالحين، فلا يتبرك به؛ لأن الصحابة لم يفعلوا هذا مع غير النبي صلى الله عليه وسلم، وما فعلوا هذا التبرك إلاَّ مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يفعلوه مع الصالحين؛ كأبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، والصحابة رضي الله عنهم وهم سادات الأولياء وسادات الصالحين وما كانوا يتبركون من شيءٍ من فضلاتهم؛ لعلمهم أن هذا لا يجوز، إلاَّ في حق النبي صلى الله عليه وسلم، ليس هذا متمسك للخرافيين الذين يتبركون بآثار الصالحين - كما يسمونها -، هذا وسيلة من وسائل الشرك وغلو في المخلوق لا يجوز، وبدعة في الدين لم يشرعها الله ولا رسوله؛ التبرك بآثار الصالحين، سواء ما انفصل من أجسامهم وثيابهم، أو التبرك ببيوتهم ومنازلهم، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم لا يُتبرك بالأماكن التي نزل فيها، أو جلس فيها، أو سكن فيها، لم يفعل الصحابة رضي الله عنهم ذلك؛ أو البيت الذي ولد فيه، إذا ثبت وعرف البيت الذي ولد فيه، مع أنه لم يعرف البيت الذي ولد فيه بمكة، وهذا البيت


الشرح