×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

الذي يقولون: دار المولد. هذا خرافة لا أصل له، ولو ثبت أن هذا البيت الذي ولد فيه، لم يجز أن نتبرك به؛ لأن الصحابة لم يفعلوا هذا، وهم أعلم الناس بما يشرع وبما يجوز؛ لأنهم أخذوا الشريعة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو كان التبرك بالآثار الأرضية والمنازل والبيوت جائزًا، لفعله الصحابة؛ لأنهم هم الذين يبينون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا ينبغي أن يُعْرَفَ ويُعْلَمَ؛ لأنه علق به كثير من الجهلة والمخرفين، وصاروا يدعون الناس إلى ذلك، وآل الأمر إلى أن هذه الأماكن صارت تقصد للعبادة، أو يعتقد فيها، فيؤول الأمر إلى الشرك بالله عز وجل، وأن تعبد هذه الأماكن؛ كما كان في الجاهلية يعبدون الأوثان.

والإسلام جاء بسد الذرائع التي تفضي إلى الشرك، فلم يثبت إلاَّ التبرك بما انفصل من جسمه صلى الله عليه وسلم؛ من ثوبٍ، أو عرقٍ، أو شعرٍ، أو ريقٍ، أو وضوء، وما لامس جسمه صلى الله عليه وسلم يتبرك به، وأما غير ذلك، فلا، أي: لا يتبرك بشيءٍ من المخلوقات والآثار، ولا يفعل هذا إلاَّ الجهلة أو أهل الضلال، الذين يريدون صرف الناس عن التوحيد إلى الشرك والرجوع إلى أمور الجاهلية، فينبغي معرفة هذا الأمر.

قال: «فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ»، جاء النهي عن لبس الأحمر، وهذا الحديث فيه أن الرسول عليه جبة حمراء، فالجمع بين الأحاديث أن المراد جبة حمراء؛ يعني: فيها حمرة، وليست خالصة، فالنهي عن لبس الحمرة للرجال إنما هو الأحمر الخالص القاني، أما الأحمر غير الخالص، الذي فيه بياض، أو فيه بقع أو خيوط


الشرح