عن أنسٍ بن سيرين قال: اسْتَقْبَلْنَا
أَنَسًا حِينَ قَدِمَ مِنَ الشَّأْمِ، فَلَقِينَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ
فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ، وَوَجْهُهُ مِنْ ذَا الجَانِبِ - يَعْنِي
عَنْ يَسَارِ القِبْلَةِ - فَقُلْتُ: رَأَيْتُكَ تُصَلِّي لِغَيْرِ القِبْلَةِ،
فَقَالَ: لَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ مَا
فَعَلْتُهُ([1]).
ثالثًا: فيه جواز الحركة في
الصلاة؛ لأنهم استداروا، ولم تبطل حركتهم، واستدارتهم الصلاة، فالحركة إذا كانت من
مصلحة الصلاة أو للضرورة، فإنها لا تبطل الصلاة، فإنهم استداروا وهم في صلاتهم.
رابعًا: في الحديث فضل أهل
قباء، وأنهم لما بلغهم الخبر، لم يترددوا في قبوله، ولم يتساءلوا، ولم يقولوا:
لماذا حولت القبلة؟ وما السبب؟ الواجب على المسلم أنه إذا بلغه كلام الله وكلام
رسوله أنه لا يجادل، ولا يماري، بل يقبل، ويمشي مع الدليل من غير تردد: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن
يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ﴾ [الأحزاب: 36]، هذا هو مقتضى
الإيمان: التسليم.
هذا الحديث مثل الحديث الأول، ولو أن المصنف جعله بعد الحديث الأول، لكان أنسب؛ لأنه يشابهه، وهو أن أنس بن سيرين، وهو أخو محمد بن سيرين، لما قدم عليهم أنس بن مالك الأنصاري رضي الله عنه، قدم على أهل العراق من الشام، خرجوا يستقبلونه، هذا فيه استقبال أهل العلم واحترامهم، فإنهم خرجوا يستقبلون أنس بن مالك رضي الله عنه؛ لصحبته لرسول الله ولعلمه، ففيه توقير العلماء واستقبالهم،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1100)، ومسلم رقم (702).