وإن ترك الصلاة،
حُرِم من العبادة، فالله جمع له بينهما بين السير والصلاة النافلة، وهذا من تيسير
الله سبحانه وتعالى، فالمسافر يصلي أينما توجهت به راحلته، أو سيارته، أو مركوبه،
يصلي صلاة الليل، ويوتر الوتر إلى الجهة التي كان يسير إليها، هذا ثابت من فعل
النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا في النافلة، أما في الفريضة فلا؛ لأن الفرائض
قليلة، فلا بد أن يصليها إلى القبلة، وأيضًا يصليها على الأرض، ولا يصليها على
الراحلة؛ لأنه لا يعطله عن السير، فلذلك الفريضة تصلى على الأرض، وتصلى إلى جهة
القبلة، أما النافلة، فهي أوسع في هذا الأمر.
« وفي روايةٍ:
«كَانَ يُوتِرُ عَلَى بَعِيرِهِ»»، الوتر مثل النافلة؛ لأنه نافلة، والوتر
نافلة وهو سنة مؤكدة، وليس فريضة، فيصلى على الراحلة أينما توجهت به؛ مثل صلاة
النافلة، وإن كان الوتر أوكد من النافلة.
«ولمسلمٍ: «غَيْرَ
أَنَّهُ لاَ يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ». وللبخاري: «إِلاَّ
الفَرَائِضَ»»، الحديث فيه:
أولاً: هذا الحديث
برواياته دل على جواز صلاة النافلة على المركوب من الدواب إلى حيث توجهت، سواء
الوتر وغيره.
ثانيًا: فيه أن الفرائض لا
تصلى على المركوب، وإنما تصلى على الأرض، ويستقبل بها القبلة، فهي تخالف النافلة.
ثالثًا: في الحديث دليل على يسر الإسلام، وأنه لا يشق على الناس في العبادات؛ حيث أتاح لهم النوافل على الراحلة وإلى غير القبلة؛ لأن ذلك يعوقهم عن سيرهم.