×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

في مكان مسجده، وبناه صلى الله عليه وسلم، فهذا مسجد قباء هو أول مسجدٍ بُنِيَ بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، قال الله تعالى: ﴿لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِۚ [التوبة: 108]؛ أي: تصلي فيه، فهو مسجد قباء على المشهور، وقيل: مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الآية عامة، تشمل هذا وهذا، تشمل مسجد قباء، وتشمل مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فهما أول مسجدٍ أسس على التقوى، بخلاف مسجد الضرار؛ فإنه أسس على غير تقوى، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهدمه، ﴿لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ؛ يعني: أول ما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم بناه، ﴿عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ [التوبة: 108]؛ على نيةٍ خالصةٍ لله عز وجل من أصحاب هذا المسجد، وهم الأنصار رضي الله عنهم، فأثنى الله عليهم، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه، فكان صلى الله عليه وسلم يخرج في كل يوم سبت من المدينة إلى مسجد قباء، ويصلي فيه؛ امتثالاً لأمر الله جل وعلا، فصارت الصلاة في مسجد قباء مستحبة، وأنه يُقْصَد للصلاة فيه؛ لأنه مسجد مبارك أسس على التقوى، ويستحب لمن كان بالمدينة، سواء كان من أهلها، أو كان من الطارئين عليها، أن يزور مسجد قباء، ويصلي فيه ما تيسر، أما غيره من مساجد المدينة، غيره وغير مسجد الرسول، فلا تقصد للصلاة فيها، وإنما هي كغيرها من المساجد، ليس لها ميزة، ما عدا المسجدين: مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد قباء، أما بقية مساجد المدينة ليس فيها مزية، ولا يجوز قصدها للصلاة فيها؛ فإن هذا من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، وفي هذا الحديث أن أهل قباء كانوا يصلون العصر أو الفجر، على روايات،


الشرح