تكون موافقة للوجه اللغوي؛ لأن التأكيد يتبع
المؤكد، والمؤكد منصوب، «جُلُوسًا» هذا منصوب، «أَجْمَعِينَ» تأكيد،
ولكن خرجوا رواية الرفع «أَجْمَعُونَ» على أنها تأكيد لواو الجماعة، «فَصَلُّوا»
واو الجماعة فاعل، فـ«أَجْمَعُونَ» تأكيد للمرفوع، وتأكيد المرفوع مرفوع،
فلها وجه في اللغة، ولكن وجه النصب أشهر، وقد وردت في بعض الروايات: «فَصَلُّوا
جُلُوسًا أَجْمَعِينَ»؛ يعني: لا تختلفوا، بعضكم واقف، وبعضكم جالس، بل تابعوا
الإمام، وهذا محمول على ما إذا صلى الإمام جالسًا لعلة يرجى زوالها، كأن يكون إمام
الحي الإمام الراتب عرضت له علة، فصلى جالسًا لأجل العلة، كما في قوله صلى الله
عليه وسلم لعمران بن حصين: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ
فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»([1])، فإذا اعتل الإمام
الراتب في أثناء الصلاة، أو قبل الصلاة احتاج إلى الجلوس، فإنهم يجلسون خلفه، ولا
يقومون وهو جالس؛ لأن هذه مخالفة، وسيأتي تفصيل هذا.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِْمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» هذا يدل على عدم المخالفة، وهذا يشمل مسألة صلاة المفترض خلف المتنفل، والعكس، ظاهره أنه لا يجوز أن تختلف النية بين الإمام والمأمومين، فلا يكون المأموم ينوي نافلة، والإمام ينوي فريضة، أو العكس، هذا ظاهر الحديث، وقال به جمع من أهل العلم: إنه لا يجوز أن تختلف النية بين الإمام والمأموم، والصحيح أن هذا يجوز؛ لورود الأدلة في ذلك كثيرة، صلاة المأموم نافلة وصلاة الإمام فريضة، والعكس،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1117).