×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

فكان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يخرج ويصلي بأصحابه، هي له نافلة، ولهم فريضة، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم، على ذلك، ولم ينكر عليه، فدل على جواز صحة صلاة المفترض خلف المتنفل، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف ورد أنه صلى بطائفة ركعتين، وسلم، ثم جاءت طائفة أخرى، فصلى بهم ركعتين، الثانية للرسول صلى الله عليه وسلم نافلة، وهي لهم فريضة، فدل على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل، والعكس صلاة المتنفل خلف المفترض؛ لأن رجلين جاءا في صلاة الفجر في مسجد الخيف، والرسول صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه، فجلسا خلف الصف، ولم يصليا معه، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «عَلَيَّ بِهِمَا». فَجِئَ بِهِمَا تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا فَقَالَ: «مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟» فَقَالاَ: يَا رَسُولَ الله إِنَّا كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا. قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلاَ، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ»([1])، فدل على صحة صلاة المتنفل خلف المفترض، فيكون هذا مخصصا لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِْمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ»؛ أن هذا خاص بالأفعال والأقوال دون النية، فيجوز أن تختلف النية بين الإمام والمأمومين، أو بين الإمام والمأموم.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (575)، والترمذي رقم (219)، والنسائي رقم (858).