وما في معناه من حديث عائشة رضي الله عنها
قالت: صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، صَلَّى
جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ: أَنِ
اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ
بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ:
سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا
صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ»([1]).
هذا كالحديث السابق في أنه يجب أن يقتدي المأموم بالإمام، ولا يسابقه، بل يتابعه في الأقوال والأفعال، إلاَّ أنه فيه زيادة، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى جالسًا لما شكا من رجله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه سقط عن الفرس، فانجرحت رجله صلى الله عليه وسلم، أو انفكت، فجاءه الصحابة يزورونه في بيته صلى الله عليه وسلم، حضرت الصلاة، وأرادوا أن يصلوا معه صلى الله عليه وسلم، فصلى جالسًا، وقاموا هم خلفه على العادة، فأشار إليهم وهو في الصلاة أن اجلسوا، فجلسوا، وامتثلوا أمره صلى الله عليه وسلم، وصلوا خلفه جلوسًا، ثم لما سلم، قال: «إِنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ، وَهُمْ قُعُودٌ فَلاَ تَفْعَلُوا ائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا»([2])، فمنعهم صلى الله عليه وسلم من القيام خلفه، منعًا للتشبه بالأعاجم، الذين يقومون على رؤوس ملوكهم وهم جلوس، هذه ناحية، والناحية الثانية: أن هذا فيه مخالفة للإمام، فلا يصلي الإمام جالس، والمأموم واقف، ثم قال مثل ما سبق في الحديث تمامًا، إلاَّ أن هذا الحديث بين السبب
([1]) أخرجه: البخاري رقم (688)، ومسلم رقم (412).