×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

بالتطويل الذي لا يتحملونه، وإن كان التطويل في الصلاة أفضل، ولكن إذا ترتب على التطويل إساءة للمأمومين، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فالإمام لا يطول الصلاة، مراعاة للمأمومين؛ لأنهم ليسوا على حد سواء، منهم الكبير الهرم، ومنهم السقيم -يعني: المريض-، ومنهم الذي له حاجة، هو صحيح وقوي، لكن له حاجة، تطول عليه، تفوت حاجته، فلا تخرجه، فأنت توسط في صلاتك، لا تنقرها نقر الغراب، ولا تطولها، وتشق على المأمومين، اعتدل في صلاتك، حتى تجمع بين المصلحتين؛ مصلحة إتمام الصلاة، ومصلحة مراعاة أحوال المأمومين وعدم المشقة عليهم، فهذا فيه أن هذا الدين دين اليسر ورفع الحرج عن الأمة، وأنه يراعي أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فالمفاسد التي تحصل بالتطويل تراعي، وتدرأ، وتقدم على جلب المصالح التي في التطويل.

ودل الحديث على أن الإنسان إذا صلى لنفسه -يعني: صلى منفردًا-، فإنه يطول ما شاء؛ لأنه لا يشق على أحد، فإن قلت: أليس الرسول صلى الله عليه وسلم يطيل الصلاة، والصحابة يصلون خلفه؟ فنقول: صلاة الرسول لها وضع خاص، الصحابة يحبون تطويل الرسول صلى الله عليه وسلم، ويفرحون به، وهذا أيضًا حتى في غير الرسول، إذا كان المأمومون يحبون التطويل كلهم، وليس فيهم من يمنع من التطويل، فلا بأس أن تطول؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، أما إذا كان فيهم من لا يناسبه التطويل، فأنت تراعي أحوال المأمومين.


الشرح