×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

على حفظ السنة وعلى تبليغها للناس، وعلى الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا من فضل الصحابة رضي الله عنهم على هذه الأمة في أنهم بلغوا سنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، كما حضروها معه، ولم يكتموها، وإنما بلغوها، ورووها للناس، بلغوها للأمة؛ فهذا الحديث يفيد أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم متقاربة في التطويل، فإذا طول القيام، طول الركوع والسجود، والجلوس بين السجدتين، وإذا خفف القيام، خفف الركوع والقيام بعد الركوع، وخفف السجود، وخفف الجلوس بين السجدتين، أما أن يطيل ركنًا جدًا، ويقصر ركنًا، هذا خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم، صلاة النبي صلى الله عليه وسلم متقاربة، ولهذا جاء في الحديث - حديث حذيفة - لما قام معه من الليل، قال: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ طَوِيلاً قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَْعْلَى، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ»([1])، فأطال القيام، فأطال الركوع صلى الله عليه وسلم، وأطال السجود، وكان سجوده نحوًا من ركوعه، فهذا فيه أن الصلاة تكون متناسبة، لا يكون بعضها طويلاً، وبعضها قصيرًا،


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (772).