×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

 فلا يخففها تخفيفًا يخل بها، ويراعي حال المأمومين، فلا يطيل تطويلاً يشق عليهم، وهذا جمع بين المصلحتين: مصلحة الصلاة، ومصلحة المصلين. أما الإمام الذي لا يبالي بالمأمومين؛ إما أن يطيل بهم، وينفرهم، وإما أنه يخفف الصلاة، ويخل بصلاتهم، ولا يتمكنون من الإتيان بما يشرع في الصلاة، فهذا لا يصلح إمامًا للناس، وإنما يصلح الإمام الذي يراعي الحالتين: حالة الصلاة، وحالة المأمومين، فالإمام لا يصلي على هواه وحسب ذوقه، أو ما يميل إليه أو يختاره هو، لا يصلي صلاة موافقة لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فيها مراعاة للمأمومين، ومراعاة للصلاة. بعض الناس يخفف الصلاة ليرضي المأمومين والكسالى، وهذا لا يجوز. بعض الناس يطول الصلاة لينفر الناس، ويشق عليهم، وهذا لا يجوز - أيضًا- والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ»([1])، «بَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا»([2])؛ هكذا ينبغي، أو يجب على الإمام أن يراعي أمور صلاته، ويراعي من خلفه؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، يقول أنس بن مالك: «مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلاَةً وَلاَ أَتَمَّ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم »، وهو القدوة، الاعتدال مطلوب في كل شيء، الاعتدال والتوسط مطلوب في كل شيء، وخير الأمور الوسط، فلا إفراط ولا تفريط، الاعتدال - لاسيما في الصلاة - هذا هو المطلوب.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (220).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (1732).